بخصوص الاحتقان غير المسبوق بمدينة الفنيدق والمناطق الحدودية المجاورة واحتجاجات الساكنة والتعامل معها بمقاربة أمنية عوض مقاربة تنموية مندمجة

مدة القراءة: 5 دق.

تحية احترام، وبعد أساءلكم السيد رئيس الحكومة، عنما وقع يوم الجمعة 5 فبراير 2021 لسكان مدينة الفنيدق المحادية لمدينة سبتة المحتلة الذين خرجوا للشارع احتجاجا على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والمقلقة، وليعبّروا لحكومتكم وللمسؤولين عن غضبهم و رفضهم لبؤس اجتماعي طال عليهم، وليسمعوكم حاجتهم كمواطنين في عيش كريم . فإذا بكم السيد الرئيس تواجهونهم بقواتكم العمومية وبمقاربتكم الأمنية المعتادة بالقمع والاعتقال عوض الإنصات لمعاناتهم والوقوف على أحوالهم. هل تعلمون السيد رئيس الحكومة، أنه بسبب قرار كم إيقاف ثم قراركم بالإغلاق النهائي لمعبر باب سبتة تدهورت أحوال المدينة والمناطق المجاورة لها، وساءت أوضاع الساكنة التي كانت تمتهن أساسا مهنة التهريب المعيشي أو تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من رواجه ؟ وهل تعلمون ما نتج عن ذلك من أزمة خانقة في كل المجالات وتفاقم للبطالة وتزايد للفقر وآثار سلبية على قطاعات التجارة والخدمات بمدينة الفنيدق ونواحيها . هل تعلمون أن تهميشكم للمنطقة وقراراتكم غير المحسوبة بدون بدائل تنموية أدت إلى عواقب وخيمة، حيث أنه بمدينة الفنيدق وما جاورها آلاف المواطنين بدون مورد رزق بعد توقيف التهريب المعيشي، وآلاف العمال والعاملات والمستخدمين الذين يتوفرون على عقود شغل قانونية بسبتة أصبحوا بسبب قرار إغلاق المعبر مهددين بالطرد بعد سنوات من العمل، و مئات المحلات التجارية أُغلِقَت، وأفلست أكثر من ثلث المقاهي والمطاعم والمخابز، بالإضافة إلى آثار أخرى سلبية اجتماعية ونفسية فردية وجماعية و أسرية فاقمت من الأزمة. السيد رئيس الحكومة، هذا الوضع غير الطبيعي خلّف استياء وسخطا عارما لدى الساكنة التي أضحت تفتقد لمورد رزق وعيش حيث دفع ذلك البعض إلى بيع ممتلكاتهم وأثاث المنزل للحصول على لقمة لأفراد العائلة، ودفع البعض الذين فقدوا الأمل إلى ركوب أمواج البحر هروبا لسبتة المحتلة مع مآسي إنسانية و ضحايا ومفقودين. السيد رئيس الحكومة، إن احتقان الفنيدق المحادية لسبتة المحتلة لا يمكن تلفيقه لدواعي الجائحة، لأن الاختلالات بالمنطقة بنيوية وليست عابرة أو لحظية. إنها نتاج لسنين من التهميش ساهمتم فيه أنتم وحزبكم وحكومَتَيْكُم بالتسامح المستدام وبالاحتفاظ على نمط اقتصادي هجين و هش و هو التهريب المعيشي الذي يضر باقتصاد البلاد، لكن تضطر أن تعيش منه وبه عشرات الآلاف من الأسَر رغم قساوته وظروفه غير الإنسانية نظرا لعدم إتيانكم بالبديل. إن ما وقع هو الحصيلة التلقائية لإقصائكم المزمن والمستمر للمدينة والمنطقة من النسيج السوسيو اقتصادي الوطني وتخليكم عن إدماجها في خلاياه. لقد اعتمدتم أسهل حل خلال سنوات الرواج والعبور وأسقطتم المنطقة من خرائط التنمية. وها هم سكانها ينتفضون اليوم ليذكروكم وليخبروكم وحكومتكم بأنهم أصبحوا يُحِسّون وكأنهم عُراة مِن انتماء لأرض ربَّوْها باليدين وترعرعوا بها ودافعوا عنها فاحتضنتهم، لكنها أضحت أمام أعينهم مثالا للبؤس الاجتماعي حيث عَمَّ اليأس وفقدان الأمل. السيد رئيس الحكومة، إن سكان مدينة الفنيدق و ماجاورها كانوا من خلال احتجاجهم يريدون كذلك تذكيركم بإهمالكم وعدم تفعيلكم لمضمون التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2019 الذي خَصَّص موضوعا خاصا للوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. حيث سجّل تقرير المجلس أوجه القصور التي تعاني منها هذه المناطق في مجال التنمية، كما اقترح عليكم رؤية كرئيس للجهاز التنفيذي لتحقيق تنمية اقتصادية وتقديم بدائل مستدامة للساكنة، وأوصاكم المجلس بها خيرا بتوصيات قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ذات الصلة بالمشاكل الناجمة عن إغلاق المَعْبَرَيْن… لكن مع الأسف السيد رئيس الحكومة، تركتم التقرير وتوصياته في الرفوف ولم تقوموا بشيء وتركتم المنطقة لحالها والساكنة لأرَقِها ومعاناتها . وبالمقابل كثُرَ الكلام عن مخطط اقتصادي وتنوعت أشكاله ولا أحد يعرف عنه شيء، هل مجرد كلام أم هو مشروع، وما هو مضمونه وماهي تفاصيله، ولماذا التعتيم الجاري حوله، وهل يستجيب لشروط تنمية مستدامة أم حل ترقيعي لحظي لتجاوز الأزمة والاحتقان ؟ وهل تفاعلتم مع انتظارات الساكنة والفاعلين والمجتمع المدني الذي تقدم لكم باقتراحات لإيجاد الحلول الملائمة والدائمة ؟ وهل تعتقدون أن ما وقع يوم الجمعة لن يقع مرة أخرى ؟ أو في مناطق أخرى في البلاد ؟ كلها أسئلة نطرحها عليكم السيد رئيس الحكومة و كذا عن الإجراءات العاجلة ومتوسطة وطويلة المدى التي ستتخذونها لتنمية المنطقة ورفع الحيف والتهميش عن ساكنتها وعن المناطق المماثلة تفاديا لأي توتر واحتقان

تاريخ الجواب
شارك هذا المقال